اقرا ايضا
مدخل القسط: «حق البيئة: التوسط والاعتدال في استغلال البيئة» (منار التربية الإسلامية)
الوضعية المشكلة:
بعد أن حضر سعيد وأحمد لندوة علمية موضوعها “الاستغلال المفرط للثروات البيئية البحرية”، أشار سعيد إلى أن جل الثروات البيئية مهددة بالانقراض بسبب التدبير غير المعقلن للبيئة وسوء استغلال مواردها، الذي يقوم على مبدأ “التوسط والاعتدال”، وترجيح المكاسب المادية على السلامة البيئية، في حين أعزى أحمد السبب إلى التغيرات المناخية وما صاحبها من كوارث طبيعية، أتت على معظم خيرات البيئة.
- في نظرك، إلى من يعزى سوء تدبير الموارد والخيرات البيئية؟
النصوص المؤطرة للدرس:
النص الأول:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
[سورة الأنعام، الآية: 142]
النص الثاني:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾.
[سورة الأعراف، الآية: 56]
قراءة النصوص ودراستها:
I – توثيق النصوص والتعريف بها:
1 – التعريف بسورة الأنعام:
سورة الأنعام: مكية ماعدا الآيات: 20، 23، 91، 93، 114، 141، 151، 152، 153 فمدنية، وعدد آياتها 165 آية، وهي السورة السادسة من حيث الترتيب في المصحف الشريف، سميت بهذا الاسم لورود ذكر الأنعام فيها، وقد نزلت بعد “سورة الحجر”، يدور محور السورة حول القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والإيمان.
II – نشاط الفهم وشرح المفردات:
1 – قاموس المفاهيم الأساسية:
- حقه: إشارة إلى الصدقة والزكاة.
- حصاده: إذهاب الشيء عن موضعه (حصد الزرع).
- ولا تسرفوا: من الإسراف وهو التبذير.
- ولا تفسدوا: من الفساد وهو الخراب والدمار.
2 – مضامين النصوص الأساسية:
- دعوته عز وجل إلى التوسط والاعتدال في استغلال خيرات البيئة تجنبا للإسراف والتبذير.
- نهيه تعالى عن الإفساد في الأرض لأنه إضرار بالبيئة ومكوناتها.
تحليل محاور الدرس ومناقشتها:
I – مفهوم البيئة في الإسلام وخصائصها:
1 – مفهوم البيئة:
البيئة: لغة: مشتقة من فعل بوأ، أي نزل وأقام، والتبوء هو التمكين والاستقرار، والبوأ هو الإقرار واللزوم، وتطلق حاليا عند المتحدثين على المكان أو الحيز أو المحيط، واصطلاحا: هي الوسط أو المجال الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على كل احتياجاته من غذاء ومسكن ودواء …، وهي أيضا المحيط الذي سخره الله بكل مكوناته وموارده المادية والطبيعية والاجتماعية قصد إشباع متطلبات الإنسان وتحقيق رغباته.
2 – خصائص البيئة:
- الشمول: حيث تضم البيئة في الإسلام كل المخلوقات التي سخرها الله للإنسان.
- أنها مسخرة لخدمة الإنسان: قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾.
- أنها مسخرة لتحقيق العبودية لله: قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾.
- أنها جزء من العقيدة الإسلامية: لأنها لا تنفصل عن النظرة الشاملة للكون والإنسان والحياة.
- أنها ميراث دائم للبشرية: قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾، وقال أيضا: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾.
II – حفظ البيئة وتنميتها من مقتضيات الإيمان:
تعتبر الشريعة الإسلامية حفظ البيئة واحترام حقوقها من القيم الإسلامية والمعاني الروحية، حيث قال رسول الله ﷺ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ»، فحماية البيئة أمانة ومسؤولية يتطلبها الإيمان وتقتضيها عقيدة الاستخلاف في الأرض، فإذا كان من ثمرات الإيمان الصادق إخلاص العبادة لله، فإن من ثمراته أيضا مراعاة الأحكام المرتبطة بحماية البيئة وعدم الإفساد فيها، قال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾، لذلك كان رسول الله ﷺ يوجه سلوكات الأفراد إلى الأعمال الصالحة لأنها من سمات الإيمان، من ذلك ربط الغرس والزرع والمحافظة على النظافة والماء والحيوان …، بالصدقة الجارية والأجر والثواب، قال ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، وقوله عليه السلام أيضا: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».
III – ضوابط استغلال البيئة في الإسلام (التوسط والاعتدال):
1 – مفهوم التوسط والاعتدال:
التوسط والاعتدال: لفظان متقاربان في المعنى، ويراد بهما فعل المطلوب والمأذون فيه من غير إفراط ولا تفريط، وكل من الإفراط والتفريط انحراف وميل عن الجادة والصواب.
2 – ضوابط استغلال البيئة:
- اعتماد منهج الوسطية والاعتدال في استغلال خيرات البيئة والاستفادة من ثرواتها.
- الدعوة إلى المحافظة على التوازن البيئي من خلال التخطيط المحكم وحسن التدبير، قال تعالى: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾.
- النهي عن الفساد والخراب كالتلوث، قال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾.
- تحريم الإسراف والتبذير لأنه استنزاف لخيرات البيئة، قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾.
- تحقيق التوازن بين مصلحة الأجيال الحاضرة والأجيال المقبلة “التنمية المستدامة”.
IV – كيف أحقق غاية التوسط والاعتدال في استغلال البيئة؟:
- أتعلم من التوجيهات الواردة في القرآن والسنة.
- أوظف التوجهات التي توصل لها العلماء حول البيئة.
- أحافظ على البيئة من المخاطر التي تهددها، بالتحلي بمبدأ التوسط والاعتدال في استغلال مواردها.
- أساهم في خدمة التنمية المستديمة من خلال الأنشطة والنوادي البيئية …