دروس البكالوريا Bac 20

اقرا ايضا

رواية اللص والكلاب

طبيعة المؤلَّف

رواية “اللص والكلاب” تقوم علي خط الصراع الأساسي بين “اللص والكلاب” أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط أجزاء الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية ويمكن للقارئ أن يضع يده على الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني.

تصور رواية “اللص والكلاب” شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة.

فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولا هدف، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام، فاستسلم.

دواعي التأليف

“اللص والكلاب” رواية مستوحاة من واقعة حقيقية بطلها “محمود أمين سليمان” الذي شغل الرأي العام لعدة شهور في أوائل عام 1961م. وقد لوحظ اهتمام الناس بهذا المجرم وعطف الكثيرين منهم عليه، فقد خرج “محمود أمين سليمان” عن القانون لينتقم من زوجته السابقة ومحاميه لأنهما خاناه وانتهكا شرفه وحرماه من ماله وطفلته وكان هذا سببا هاما من أسباب تعاطف الناس معه، ولتحقيق انتقامه ارتكب العديد من الجرائم في حق الشرطة وبعض أفراد المجتمع، فأثارت هذه الواقعة اهتمام الكاتب واستلهم منها مادته الأدبية تجمع بين ما هو واقعي وما هو تخيلي فكانت رواية “اللص والكلاب”.

صاحب المؤلف (نجيب محفوظ)

حياته ونشأته

ولد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر 1911م وتوفي في 30 غشت 2006م، أمضى طفولته في حي الجمالية حيث ولد، ثم انتقل إلى العباسية والحسين والغورية، وهي أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حياته الخاصة.

حصل على إجازة في الفلسفة عام 1934 وأثناء إعداده لرسالة الماجستير دخل في صراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلى الأدب الذي نمى في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين.

بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936. وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة.

تقلد منذ عام 1959 حتى إحالته على المعاش عام 1971 عدة مناصب حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات الفنية ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما ورئيساً لمجلس إدارتها ثم رئيساً لمؤسسة السينما ثم مستشاراً لوزير الثقافة لشؤون السينما عمل في عدد من الوظائف الرسمية، ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة (بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956 نظرا لضخامة حجمها.

نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع. ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعا رمزيا كما في رواياته “أولاد حارتنا” و “الحرافيش” و “رحلة ابن فطومة” و “اللص والكلاب”.

بين عامي 1952 و 1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما. ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة.

صدر له ما يقارب الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية وترجمت معظم أعماله إلي 33 لغة في العالم.

جوائز وأوسمة

جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية «رادوبيس» عام 1943
جائزة وزارة المعارف عن رواية «كفاح طيبة» عام 1944
جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية «خان الخليلي» عام 1946
جائزة الدولة في الأدب عن رواية «بين القصرين» عام 1957
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962
جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1968
وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1972
جائزة نوبل للآداب عام 1988
قلادة النيل العظمى عام 1988

عنوان المؤلف “اللص والكلاب”

العنوان هو أول خطاب لفظي يواجه القارئ، ويوجه أفق انتظاره للنص، بل يلخصه له في أحيان كثيرة، لذا كان من البد أن نقف على عنوان المؤلف “اللص والكلاب” وقفة تجعلنا نقتحم النص بفرضيات سنتأكد من صوابها.

يتألف عنوان النص تركيبيا من لفظتين هما “اللص” و “الكلاب” بينهما حرف عطف الواو، الذي يؤكد وجود علاقة بينهما، أما دلاليا فتوحي لفظة اللص إلى ذلك الشخص الخارج عن القانون والمستولي على ممتلكات الغير، والذي جرمته كل الديانات السماوية وأصدرت ضده عقوبات متفاوتة، والذي يرمز خلافا للكلاب للخيانة والغدر، بينما الكلاب ترمز للإخلاص والأمانة والوفاء لدرجة ربط الوفاء بهذا الحيوان الأليف فهل يعكس لص الرواية وكلاب الرواية هذه الدلالات؟.

إذا ما نحن حاولنا ربط العنوان بأحداث الرواية أمكن لنا استنتاج أن لص العنوان هو سعيد مهران، لكن بصفات الوفاء والإخلاص لأنه أخلص لمبادئ الثورة، أما الكلاب فهي إشارة إلى كلاب إنسانية، مجسدة في شخص كل من نبوية، وعليش، ورؤوف علوان، لكن بصفات الغدر والخيانة، لأن كل هذه الشخصيات قد مارست الغدر والخيانة في وجه سعيد مهران، الشيء الذي جعل أحداث الرواية تميل إلى التراجيديا أو إلى دراما الروايات البوليسية.

كتابة تعليق

اكت تعليقك هنا

Previous Post Next Post