دروس البكالوريا Bac 20

اقرا ايضا

دروس التربية الإسلامية للأولى باك

مدخل التزكية «الإيمان والعلم» (منار التربية الإسلامية)

الوضعية المشكلة:

لا زالت إشكالية العلم والإيمان محل صراع وجدال ونقاش على مر التاريخ بين العلماء والفلاسفة، حيث هناك من يعتبر أنهما متعارضان، مستدلا بنصوص أخبر بها الوحي وثبتت مخالفتها للعلم التجريبي، مثل: حادثة الإسراء والمعراج، وأصل الإنسان …، وهناك فئة أخرى ترى أن الإيمان والعلم الصحيح صنوان لا يختلفان ولا يتناقضان، وذلك بالنظر إلى أن العلم وحقائقه الثابتة لا تعدو كونها من صنع الله عز وجل وتدبيره، وأن النص الديني لا يخرج عن كونه وحيا منه سبحانه وتعالى، فلا يمكن أن يتعارضا، مشيرا إلى أن جميع الحقائق العلمية التي أشارت إليها نصوص الوحي ثبتت صحتها.

  • فما المشكلة التي تطرحها هذه الوضعية؟
  • هل العلم والإيمان متفقان أو متعارضان؟

النصوص المؤطرة للدرس:

النص الأول:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.

[سورة يوسف، الآية: 22]

النص الثاني:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾.

[سورة يوسف، الآية: 37]

النص الثالث:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.

[سورة يوسف، الآية: 76]

النص الرابع:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾.

[سورة يوسف، الآية: 86]

النص الخامس:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ».

[أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب:الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار]

قراءة النصوص ودراستها:

I – توثيق النصوص والتعريف بها:

1 – التعريف بأبي هريرة:

أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، كناه رسول الله ﷺ بأبي هريرة لهِرَّة كان يحملها ويعتني بها، ولد في بادية الحجاز سنة 19 ق. هـ، أسلم سنة 7 هـ على يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي، يعد من كبار الصحابة، وأكثرهم رواية لحديث رسول الله ﷺ، وله في كتب الحديث 5374 حديثا، توفِي بالمدينة سنة 57 هـ.

2  – التعريف بالإمام مسلم:

الإمام مسلم: هو أبو الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولد سنة 206 هـ بنيسابور، رحل من أجل طلب العلم وهو صغير إلى عدة بلدان، منها: الحجاز، الشام، مصر …، درس على يد شيخه البخاري، له عدة مؤلفات، منها: «العلل»، «أوهام المحدثين»، «طبقات التابعين» …، ويصنف كتابه «صحيح مسلم» أحد أهم كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة، ويعتبرونه ثالث أصحّ الكتب على الإطلاق بعد القرآن الكريم ثم «صحيح البخاري»، ويشتمل على أربعة آلاف حديث، توفي بنيسابور سنة 261 هـ.

II – نشاط الفهم وشرح المفردات:

1 – شرح المفردات والعبارات:

  • بلغ أشده: بلغ منتهى شدته وقوته.
  • آتيناه حكما وعلما: أعطيناه حكما وفقها في الدين.
  • نبأتكما بتأويله: أخبرتكما بتفسيره.
  • ملة: دين أو شريعة.
  • كِدْنَا ليوسف: دبرنا لتحصيل غرضه.
  • دين الملك: شريعة ملك مصر أو حكمه.
  • أشكو بَثِّي: أشكو أشد غمي وهمي.
  • يلتمس: يطلب ويرجو..

2 – مضامين النصوص الأساسية:

  1. تفرد العلم هبة من الله تعالى يهبه للمحسنين من عباده.
  2. إخبار يوسف عليه السلام أن ما عنده من العلم مما علمه الله إياه.
  3. العلم درجات والعلماء يتفاوتون فيه.
  4. العارفون بالله يعلمون منه ما لا يعلمه عامة الناس.
  5. يبين الحديث الشريف فضل طلب العلم.

I – مفهوم الإيمان والعلم:

1 – مفهوم الإيمان:

الإيمان: لغة: التصديق والاعتقاد الجازم، واصطلاحا: هو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، بما أخبر به الرسول ﷺ عن الله تعالى.

2 – مفهوم العلم أنواعه:

أ – مفهوم العلم:

العلم: لغة: هو إدراك الشيء على حقيقته، واصطلاحا: هو مجموع المعارف المكتسبة بالدراسة، والتي يصل بها الباحث إلى مستوى الإحاطة بالأصول والفروع في حقل من حقول المعرفة: كالرياضيات والهندسة …

ب – أنواع العلم:

يشمل العلم  نوعان:

  1. العلوم الشرعية: وهي التي تنظم علاقة الإنسان بربه وبنفسه وبغيره، وهذا النوع من العلم هو أشرف العلوم وأجلها لأن مصدره هو الوحي.
  2. العلوم المادية: وهي التي لا تندرج تحت العلوم الشرعية، وتشمل تخصصات متعددة، مثل: الفلك، والفزياء، والكمياء، والطب، والهندسة، والرياضيات …، وهذا القسم هو الذي يحتمل معارضته للإيمان، لأنه نابع من اجتهاد فكري.

II – الإسلام يدعو إلى العلم:

دعا الإسلام إلى العلم وحث على طلبه ورغب فيه، لأنه هو السراج المنير الذي ينير العقل ويكرم الإنسان، ومن النصوص التي تدعوا إلى العلم وتحث عليه، قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، وقوله ﷺ: «طَلَبُ العِلمِ فريضَة على كُلِّ مُسْلِم»، وقوله ﷺ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»، وقوله ﷺ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ»، والعلم في الإسلام شامل وغير مقتصر على علوم الشرع، فهو يدعو إلى كل ما من شأنه تنمية الإيمان وبناء المجتمع القوي وصيانة الكرامة وتسخير الكون وفق مقاصد الشرع.

III – العلم يرسخ الإيمان ويقويه:

العلم يهدى إلى الإيمان ويقويه والإيمان يدعو إلى العلم ويرغب فيه، وهذه العلاقة التكاملية لا نجدها في غير الإسلام، فمثلا: العلم الذي يكشف توازن الكون ودقته وإتقانه وانسجامه في نظام بديع متناسق، يدل في النتيجة على وجود الخالق العظيم القادر، لأن الدقة والإبداع والإتقان لم تأت مصادفة وإنما من ورائها خالق مبدع، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الأَلْبَابِ﴾، وقال أبضا: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾.

IV – لا تعارض بين العلم الصحيح والإيمان الحق:

انطلاقا مما سبق نستنتج أن العلم الصحيح لا يتعارض مع الإيمان الحق بل كل منهما يكمل الآخر ويقويه، وإذا ظهر لنا تعارض بين العلم والإيمان، فهناك احتمالات: إما أن العلم ليس صحيحا، أو أن الإيمان ليس صحيحا، أو أن العقل ليس سليما، والإسلام دين العقل والمنطق إذ لا يوجد في الإسلام ما يخالف ذلك، لذا لا يفتأ القرآن الكريم أن يحث على استعمال الفكر والنظر والتدبر والتأمل في كثير من الآيات القرآنية، قال تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وقال تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ …

كتابة تعليق

اكت تعليقك هنا

أحدث أقدم