اقرا ايضا
الأمثلة
1) قال البارودي:
أرْعَى الكَواكِبَ في السماء كأن لي ** عند النُّجومِ رَهِينِةً لم تُدْفَــــــــــــــــعِ
زُهْرٌ تَأَلُّقُ بالفضاء كأنهــــــــــــــــا ** حَبَبٌ تردًدَ في غديرٍ مُتـــــــــــــــــرَعِ
2ـ قال محمد بن إبراهيم:
قَريضِي تُوحيه إليً قَرِيحَتِـــــــــــي ** فأشدوا به شَدْوا به يُخْلَبُ اللُـــــــــبُّ
معانيه لي قد أسْفَرَتْ عن لِثَامِهَـــا ** ويأتي ذَلُولا منه لِي يسْهُلُ الصعــــبُ
3ـ قال علال الفاسي:
حمامةَ الرَّوْضِ ،قد هَيَّجْتِ أشْجَانِي ** لَمََّا شَدَوْتِ بلحن منك أبكانــــــــــــي
هل أنت مثلي في وَجْدٍ وفي شَجَـنٍ ** نَأََيْتِ قبلي عن أَهْلٍِ وجيــــــــــــــرانِ
هيا نُرَدِّدٌ أهازيجا مُرَوِّعَــــــــــــــة ** نَعْزِفُ على وَتْرٍ في القلب رَنَّـــــــــانِ
فكل ما هنا يدعو لأغنيــــــــــــــــة ** أسِيفَـــــة، من فؤاد مِثْلِ بُرْكَـــــــــانِ
ملاحظة الأمثلة
المثال الأول
في البيت الثاني من المثال نلاحظ الشاعر شبه النجوم في الفضاء بالفقاعات المتلألئة فوق سطح الماء،فشبه صورة النجوم بصورة الفقاعات.
فهذه صورة شعرية شكلتها الكلمات عبر تركيب لغوي، عاطفي ، خيالي، لتصوير معنى عقلي يجمع بين شيئين من خلال علاقة المشابهة، وقد تكون تجسيدا أو تشخيصا أو تجريدا. وقد جاءت الصورة عبر تشبيه مفرد بمفرد. فهي صورة مفردة.
المثال الثاني
بملاحظة المثال الثاني نجد أن الشاعر اعتمد نفس المكونات التي تشكل الصورة وهي اللغة والعاطفة والخيال، فجعل موهبته الشعرية، وهي صورة معنوية، تشبه في وضوحها وجلائها صورة المرأة وهي تظهر محاسن وجهها ، وهي صورة مجسدة، فالصورة جاءت مركبة بين ما هو معنوي وما هو مادي (جسدي)، فجاءت عناصرها متداخلة، تعكس تجربة الشاعر المعقدة.
المثال الثالث
الشاعر وظف صورة الحمامة للتعبير عن مجموعة من المعاني التي يعانيها الشاعر: الغربة والوحدة والشجن إلى حد تمازج مشاعره بصورة الحمامة بكل مكوناها فهي إذن صورة شعرية كلية. وجاءت مركبة تجمع بين صورة معنوية مشاعر الشاعر وصورة الحمامة بما تحمله من صفات مادية ومعنوية.
خلاصة عامة
مفهوم الصورة الشعرية
الصورة الشعريّة في اللغة
هي الهيئة التي يرد عليها الشيء وشكله، وصفته، كما قال ابن منظور في معجم لسان العرب، ومنها التصوّر وهو عمليّة عقليّة تقوم على تذكّر الفكر للصور التي شاهدها من قبل، وأثّرت فيه، واختزنها في ذاكرته، والتصوير وهو إظهار الصورة بشكل فنيّ إلى الخارج، وقد ورد التصوير في آيات القرآن الكريم بشكل واضح حيث شمل اللون، والخيال، والحركة، والوصف، والحوار.
الصورة الشعريّة في الاصطلاح
هي تركيب لغوي يستطيع الشاعر من خلاله أن يقوم بتصوير معنى من العقل أو العاطفة، ويجعله حاضراً على أرض الواقع أمام المستمع، معتمداً على التشخيص، والمشابهة، والتجسيد، وقد تباين هذا المفهوم بين القديم والحديث على النحو التالي:
الصورة الشعريّة قديماً:
حظيت الصورة الفنيّة عند القدماء بالدراسة، والتحليل، والاهتمام، فدرسها الجاحظ، والقاضي الجرجاني، وعبد القاهر الجرجاني، وقدامة بن جعفر، حيث تمثلت الصورة عند الجاحظ في مبادئ أهمها الأفكار المصاغة بطريقة تستحوذ اهتمام القاري، والتجسيم أي الوصف الحسي للمعاني، كما تأثر هؤلاء بالفلسفة اليونانيّة وأرسطو؛ حين فصلوا بين اللفظ والمعنى، واعتمدوا على الخيال الذي يبتعد كلّ البعد عن المباشرة، والنمطيّة، وكانوا يرون من الشاعر رساماً، يرسم الصور الشعريّة كما يرسم الفنان لوحة بريشته، وربطوا الصورة بالقدرة على الصياغة كاستعمال الاستعارات، والتشبيهات، والكنايات مما جعلها جزئيّة غير كاملة تهتم بالشكل والتنميق على حساب المعنى.
الصورة الشعريّة حديثاً:
توسّع مفهوم الصورة الفنيّة في العصر الحديث، حتى أصبح يشمل على كل الأدوات التي تستخدم للتعبير من علم بيان، وبديع، ومعاني، وقافية، وسرد، فأصبحت شكلاً فنيّاً يستخدم طاقات اللغة من ألفاظ، وعبارات، وإيقاعات، وتراكيب، ودلالات، ومقابلات، وتضاد، وترادف، ممّا جعلها تخرج من نطاق الجانب البلاغي، إلى عالم الشعور والوجدان، والتعابير الحسيّة. نلاحظ الفرق الشاسع بين الصورة الفنيّة قديما وحديثاً؛ حيث أصبح مفهومها لا يقتصر على الجانب البلاغي كالقدم، بل توسّع وشمول جوانب أخرى كالتجسيد.
أنواع الصورة الشعرية
تأتي الصورة الشعريّة على ثلاثة أنواع هي:
- الصورة الشعريّة المفردة: يكتفي الشاعر فيها بتصوير التشابه الظاهر والحقيقي بين الأشياء، ولا يستخدم المعنى النفسي.
- الصورة الشعريّة المركبة: يجمع فيها بين ما تراه عينه، وما تشعر به نفسه وعاطفته.
- الصورة الشعريّة الكليّة: تكتمل في هذه الصورة المعاني التجسيديّة، والنفسيّة، والتعبيريّة للتعبير عن التجربة. عناصر الصورة الشعريّة.
مكونات الصورة الشعرية
تعتمد الصورة الشعرية على ثلاث مكونات أساسية:
- مكون اللغة: نسيج الألفاظ في التعبير الشعري يشكل الصورة التي يعبر بها الشاعر عن تجربته، فاللغة هي عماد الصورة الشعرية.
- مكون العاطفة: تعتبر العاطفة هي الروح التي تنفخ في اللفظة التي تأخذ القالب النفسي الوجداني لحالة الشاعر.
- مكون الخيال: وهو الذي يمكن اللغة والعاطفة من تحديد معالم الصورة فيتفاعل معها المتلقي شكلا ومضمونا.